الذكاء الاصطناعي يهمّش بعض الوظائف.. هل يمكن له أن يحل محل البشر في العمل؟

مع تزايد الحديث عن الذكاء الاصطناعي وتقنياته التي بدأت باحتلال سوق العمل، يطرح الكثيرون تساؤلاً هاماً جداً عن إمكانية تهديد هذه التقنيات لوظائف الملايين من البشر.

وفي الحقيقة فإن هذه التقنيات مصممة بهدف القيام بالأعمال الرتيبة والمجهدة، وهذا من شأنه زيادة سرعة وفعالية العمل. ولكن يبقى العنصر البشري ضرورياً في كل أوساط العمل للأسباب التالية:

1. الحاجة للذكاء العاطفي

وهو من الأمور التي تميّز -وبشكل واضح- البشر عن الآلات.

لا يمكن بأي شكل من الأشكال تجاهل أهمية الذكاء العاطفي في سوق العمل، خصوصاً في الوظائف التي تتضمن تعاملاً مع الزبائن. وعلى الرغم من أن العالم يتجه نحو أتمتة المهام، إلّا أننا كبشر نحتاج لهذا النوع من التواصل البشري.

إذا أردت التحقق من ذلك اسأل أصحاب الأعمال والمدراء التنفيذيين ومديري الموارد البشرية، فالتواصل البشري ضروري لجذب العميل والموظف وفهم احتياجاتهما.

حيث تشكل محاولة تقليد هذا النوع من التواصل البشري تحدياً حقيقياً لمطوري تقنيات الذكاء الاصطناعي. وحتى إن تمكن الذكاء الاصطناعي من الوصول لمرحلة يحاكي فيها مشاعر البشر فمن المستحيل أن ينشأ بين الإنسان والآلة علاقة عاطفية قوية (وهي الأساس لنمو الشركات والأعمال).

2. الذكاء الاصطناعي لا يعمل إلّا إذا زوّدته بمعلومات

وهذا يعني أن أي نقص في المعلومات المُدخلة سيضع تقنيات الذكاء الاصطناعي في مأزق. ناهيك عن أن نوعية وجودة المعلومات المُدخلة ستؤثر في نهاية المطاف على النتيجة التي سيقدمها الذكاء الاصطناعي.

تكمن الفكرة هنا أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على المعلومات التي يمتلكها لإعطائك جواباً مناسباً. ولكنه لا يستطيع محاكاة البشر في التحليل المنطقي والإبداع والارتجال، أي أنه لا يمتلك دهاء العقل البشري.

3. الإبداع والتفكير خارج الصندوق من ميزات البشر

كما ذكرنا سابقاً فإن الذكاء الاصطناعي يستند إلى المعلومات التي يمتلكها، ولذا فإنه لا يمكنه الإبداع وإنشاء طرق جديدة أو أشكال وأنماط لم تكن موجودة. بل كل ما يقوم به هو استخدام قوالب جاهزة. انظر على سبيل المثال للصور المولّدة بالذكاء الاصطناعي، إنها مجرّد تركيب لمجموعة صور ومميزات بناءً على المعلومات التي يعرفها أو تقدمها أنت له.

صور مولدة بالذكاء الاصطناعي تخلو من الإبداع

يعد الإبداع هاماً جداً في سوق العمل، وفي وظائف محددة على وجه الخصوص.

ومن الأمور المتعلقة بالإبداع “التفكير خارج الصندوق” وهو ما لا يمكن للذكاء الاصطناعي القيام به لأنه مصمم أساساً للتفكير داخل الصندوق، أي بناءً على المُعطيات التي تزوده بها.

لذا فإن الذكاء الاصطناعي وفي حال واجهته مشكلة جديدة لم يعهدها من قبل فلن يتمكن من حلها. على عكس البشر الذين يستطيعون إبداع حلول جديدة.

تعد المهارتان السابقتان ضروريتان لإيجاد الحلول، وهما هامتان في كل الوظائف تقريباً.

4. البشر هم الذين أنشأوا الذكاء الاصطناعي وهم من يزوّده بالمعلومات

وهذا يعني أن وجود الذكاء الاصطناعي مرهون بما يطلبه منه البشر. فهم من يبرمجون أدوات الذكاء الاصطناعي ويوجهونها للقيام بمهمة معيّنة. كما أن البشر هم من يعملون على صيانة أدوات الذكاء الاصطناعي.

ومن غير المتوقع -إن لم يكن من المستحيل- أن تطوّر أدوات الذكاء الاصطناعي من نفسها بشكل ذاتي، لأنها كما ذكرنا لا تملك مهارة التفكير المجرد والتحليل وإنما تعمل بناءً على المعلومات المقدمة لها، وكل هذا يجعل من البشر المتحكّم الوحيد بأدوات الذكاء الاصطناعي.

يمكن لأفلام الخيال العلمي التي تتحدث عن إمكانية تطوّر الروبوتات لتحكمنا أن تؤثر على أفكار جيلنا هذا، إلّا أن هذه الأفكار لا أساس لها من الصحة كما وضحنا.

5. صُمم الذكاء الاصطناعي ليُكمّل البشر وليس ليحل محلهم

بدأت تقنيات الذكاء الاصطناعي فعلاً بأخذ أدوار فعّالة في سوق العمل، وستحل بذلك محل بعض البشر في مهام محددة، ولكنها كما ذكرنا مهام رتيبة لا تتطلب أياً من المهارات التي يتميز بها البشر عن الآلات.

وهذا بدوره سيطوّر من سوق العمل ويغيّر من متطلباته. أي على الرغم من أن بعض الوظائف ستختفي، إلّا أنه ستظهر العديد من الوظائف المختلفة الضرورية أيضاً.

أظهر تقرير لـWorld Economic Forum أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستؤدي لزوال حوالي 85 مليون وظيفة في عام 2025، ولكنها في نفس الوقت ستخلق 97 مليون وظيفة أخرى بحلول ذات العام.

لذا فإن السؤال الحقيقي هو كيف للبشر أن يعملوا جنباً إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي وما هي المهارات التي ستصبح ضرورية في المستقبل لذلك؟

6. الذكاء الاصطناعي بحاجة للبشر

كما ذكرنا فإن الذكاء الاصطناعي يحتاج للبشر لصيانته والإشراف على عمله. فعلى الرغم من أن تقنيات الذكاء الاصطناعي كـChatGPT تتطوّر بسرعة مهولة، إلّا أن المعلومات التي تقدمها تكون غالباً غير دقيقة ويجب التحقق منها من قبل البشر. وهذا يعود للأسباب التي ذكرناها من أن الذكاء الاصطناعي يفتقد لمهارات التحليل المنطقي وغيرها. انظر مثلاً لهذا المثال:

الذكاء الاصطناعي يفتقد مهارات التحليل المنطقي
الذكاء الاصطناعي يفتقد مهارات التحليل المنطقي

تكمن الفكرة هنا أنه بما أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع الاعتماد على نفسه، ويحتاج بشراً ليصححوا المعلومات ويدققوا ما يُنتجه فهذا يعني أن الذكاء الاصطناعي بحاجة للبشر.

يُعتقد أن هذا المجال -التحقق من صحة المعلومات ودقة النتائج- سيُشكّل مجالاً هاماً في المستقبل وستتُاح العديد من الوظائف فيه.


قد يؤدي الذكاء الاصطناعي لتغير في الوظائف المطلوبة في سوق العمل، وهو أمرٌ طبيعي يحدث مع التطور والتقدم، إلّا أنه لا يلغي الحاجة للبشر كلياً.

وهذا لأن محل كل وظيفة ستزول، ستتُاح أكثر من وظيفة أخرى بديلة. ولهذا علينا تعلم كيفية العمل جنباً إلى جبب مع الذكاء الاصطناعي. والتركيز على مهارات الإبداع والتفكير خارج الصندوق وغيرها مما سيُصبح ضرورياً جداً في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top